أحبها حتى الثمالة ، اختلط دمه
بحبيبات عشقها، عاش في كنفها منذ أن كان صغيرا، كانت هي الشيء الوحيد الذي يركن
إليه ، يبثها أفراحه وأحزانه، مغامراته التي كانت جزءا منها‘ ،كان يعدُّ الأنفاس في
حالة غيابه عنها، وعند اللقاء يتجاذبان أطراف الحديث، حتى الصباح.
كانت أمه الحنون ،أخته الوفية ،صديقه المعلم،إذا أحس
يوما أنه أغضبها أو أزعجها، راح يختلق التبريرات ، حتى تصفح عنه ،متوسلا وراجيا ،
بل مقبلا ، قبلة الولد لأمه؛ طالبا ودها.
مرت الأيام وهذا الوليد يكبر، ويكبر
معه خياله وفكره، أصبح يحب الجلوس وحيدا ،يسبح في فضاءات يوجدها لنفسه ،يحاور
أناسا حياته لا تطيق فراقهم، في واقع غير الواقع ، وحياة غير الحياة
لكنه لم ينقطع عنها ،
بين لحظة وأخرى يذهب إليها ويجالسها، وللهفتها تخاطبه بأشياء ، أصبح يمل سماعها بعد
أن كان يستعذبها ، ثم راح يحدث نفسه: ماذا حدث ؟ أليست هذه هي المرأة التي كنت
شغوفا بحديثها ؟!!
أيمكنك الاستغناء عنها ؟ ، أكان
ظهورها في حياتك خطأ تحاول إصلاحه؟ ،أم أنك تبحث عن أرض لم يطأها أحد من قبل ؛
لتغرس فيها نبتا جديدا؟،
وبينما تتقاذفه أمواج أسئلته هنا
وهناك، في بحر لجي، كانت هي تعدد على
أذنيه حكايات ومواقف ماضية، كثيرا ما فَرِحَ عند سماعها ، مطلقة الضحكات بين
الفينة والفينة.
-انظر ( قالت له): أرسل إلىَّ أحدهم
رسالة مكتوب فيها(..........).
أمسك المحمول ونظر في الرسالة مغمغما
، ثم أطلق ابتسامة عاجزة تحمل من المعاني ما لا يمكن تفسيره .
ظل على حالته ،ثم انقطع عنها أياما
وشهورا ، وفي لحظة صدق قرر أن يصحح مساره وأن يعود إلى ما كان عليه من قبل، فما ذنبها، وهى التي تفرح لفرحه وتحزن لحزنه ؟
،ذهب إليها وجالسها، لكنه أدرك أن هناك
حاجزا أقيم بينهما، قد يصعب هدمه، والعجب
أنه لم يكن يدرى ماهية هذا الحاجز!!
جلسا طويلا ، وكأنّ حروف الكلام قد نفدتْ ، ،فلم
يجدا غير الصمت أنيسا ، عندها قرر أن......فما كان منها إلا ........