السبت، 23 أغسطس 2014

قصتي الجديدة بعنوان : وفاء

 أحبها حتى الثمالة ، اختلط دمه بحبيبات عشقها، عاش في كنفها منذ أن كان صغيرا، كانت هي الشيء الوحيد الذي يركن إليه ، يبثها أفراحه وأحزانه، مغامراته التي كانت جزءا منها‘ ،كان يعدُّ الأنفاس في حالة غيابه عنها، وعند اللقاء يتجاذبان أطراف الحديث، حتى الصباح.

كانت  أمه الحنون ،أخته الوفية ،صديقه المعلم،إذا أحس يوما أنه أغضبها أو أزعجها، راح يختلق التبريرات ، حتى تصفح عنه ،متوسلا وراجيا ، بل مقبلا ، قبلة الولد لأمه؛ طالبا ودها.

مرت الأيام وهذا الوليد يكبر، ويكبر معه خياله وفكره، أصبح يحب الجلوس وحيدا ،يسبح في فضاءات يوجدها لنفسه ،يحاور أناسا حياته لا تطيق فراقهم، في واقع غير الواقع ، وحياة غير الحياة
لكنه لم ينقطع عنها ،
 بين لحظة وأخرى يذهب إليها ويجالسها،  وللهفتها تخاطبه بأشياء ، أصبح يمل سماعها بعد أن كان يستعذبها ، ثم راح يحدث نفسه: ماذا حدث ؟ أليست هذه هي المرأة التي كنت شغوفا بحديثها ؟!!

أيمكنك الاستغناء عنها ؟ ، أكان ظهورها في حياتك خطأ تحاول إصلاحه؟ ،أم أنك تبحث عن أرض لم يطأها أحد من قبل ؛ لتغرس فيها نبتا جديدا؟،
وبينما تتقاذفه أمواج أسئلته هنا وهناك، في بحر لجي، كانت هي  تعدد على أذنيه حكايات ومواقف ماضية، كثيرا ما فَرِحَ عند سماعها ، مطلقة الضحكات بين الفينة والفينة.
-انظر ( قالت له): أرسل إلىَّ أحدهم رسالة مكتوب فيها(..........).
أمسك المحمول ونظر في الرسالة مغمغما ، ثم أطلق ابتسامة عاجزة تحمل من المعاني ما لا يمكن تفسيره .

ظل على حالته ،ثم انقطع عنها أياما وشهورا ، وفي لحظة صدق قرر أن يصحح مساره وأن يعود إلى ما كان عليه من قبل،  فما ذنبها، وهى التي تفرح لفرحه وتحزن لحزنه ؟ ،ذهب إليها  وجالسها، لكنه أدرك أن هناك حاجزا أقيم  بينهما، قد يصعب هدمه، والعجب أنه لم يكن يدرى ماهية هذا الحاجز!!
 جلسا طويلا ، وكأنّ حروف الكلام قد نفدتْ ، ،فلم يجدا غير الصمت أنيسا ، عندها قرر أن......فما كان منها إلا ........

الجمعة، 22 أغسطس 2014

قصيدة " تقدموا " ومقاومة الحرف

قصيدة " تقدموا " ومقاومة الحرف
إلى روح  من أفنى حياته، بحثا عن أرضه عبر حرفه.
إن كنتَ قد ذهبت، فحرفك باق، ستردده الأجيال، جيل بعد جيل
 إلى الشاعر الفلسطيني :  " سميح القاسم"....
تقدموا
تقدموا
كلُّ سماء فوقكم جهنم
وكلُّ أرض تحتكم جهنم
تقدموا
يموت منا الطفلٌ والشيخُ
ولا يستسلم
وتسقط الأم على أبنائها القتلى
ولا تستسلم
تقدموا
تقدموا
بناقلات جندكم
وراجمات حقدكم
وهددوا
وشردوا
ويتموا
وهدموا
لن تكسروا أعماقنا
لن تهزموا أشواقنا
نحن القضاء المبرم
تقدموا
تقدموا
 هذا جزء من قصيدة تحمل روح المقاومة ، فاستحقت أن تدرج ضمن أدب المقاومة ، ذلك الأدب الذي يظهر وقت الشدائد التي تعصف بأي أمه من الأمم، حيث لا يكون أمام أبنائها الأحرار سوى الدفاع بكل ما يملكون.
  وهنا يظهر الحرف بجوار الحجر والخنجر والبندقية  والدبابة ، ولا غرابة أن نجد روح المقاومة بارزة في شعرنا الفلسطيني خاصة عند أبرز شعرائه أمثال: محمود درويش ، وسميح القاسم،مؤكدا أن الإبداع دائما يكون وليد واقعه، وكي يعبر عنه تعبيرا صادقا ،عليه أن يتمثله تمثيلا  قويا.....

 قصيدة  " تقدموا "
من العنوان تتبدى لنا روح المقاومة والإصرار على الدفاع عن الأرض والعرض ، تقدموا،  بهذا الخطاب الجماعي الذي يحمل روح العزيمة بدأت القصيدة  ، خطاب يرصد لنا قوتين متصارعتين ، قوة المحتل وقوة المدافع، إصرار نجده في جميع أسطر القصيدة ، شاملا الصغير قبل الكبير، المرأة قبل الرجل.
قصيدة أراد صاحبها لها البقاء ، حيث المضمون الذي يتماشى وطبيعة المأساة الفلسطينية على مر الأزمان، لذا ستصبح أنشودة ترددها الأجيال تباعا.
- هذا الحرف الذي سجله سميح القاسم هو في الحقيقة روحه ، تلك الروح التي نجدها في تكرار الفعل الجمعي الذي يوجه إلى آخر( المحتل) .
هذا الحرف الذي يتميز بقوته ،تلك القوة التي ملأت جنبات القصيدة ، حين اختار كلماتها الحماسية، وحروفها ذات النطق الشديد( القاف- التاء- الواو- الميم- اللام –الدال- الجيم .....). كل ذلك وغيره استخدمه سلاحا لمواجهة المغتصب المحتل للأرض ، كأنه أراد أن يقول له:
لتعلم أن  تقدمك لن يجد منا غير جهنم من تحتك ومن فوقك، ثم تنتقل الروح من ذاتها إلى الانغماس في الآخر من بني وطنها، حين يعبر عن اتحاد هدفهم، فيقول في نبرة  فخر واعتزاز:
يموت منا الطفلٌ والشيخُ
ولا يستسلم
وتسقط الأم على أبنائها القتلى
ولا تستسلم
أراد أن يصرخ وينادي :أيها المحتل مادامت أرواحنا باقية ، فلن يهنأ لك بال:
لن تكسروا أعماقنا
لن تهزموا أشواقنا
نحن القضاء المبرم
 ثم يختم المقطع  بالجملة الأساسية ، بل بالعمود الفقري للقصيدة (تقدموا)  مؤكدا في قوة  أن لكل فعل رد فعل...فانتبهوا......
قصيدة تعانق فيها الحرف مع الكلمة والجملة ، لإعلاء روح الإصرار الجماعي ، ذلك الإصرار الذي تصرخ به القصيدة عبر تكرار حروفها: (واو الجماعة - لن) وأسمائها(كل) وأفعالها(تقدموا- هدموا- يتموا –يستسلم)
هذا التكرار الذي رسم إيقاعا  يتميز بسرعة لها دلالتها، سرعة إيقاعية تناسب الفعل المضموني ( الإصرار والمقاومة)..
.نعم إنه إصرار المقاومة ، مقاومة الذات الفردية (سميح القاسم) ،ممتزجة في الذات الجماعية ( فلسطين الأم)..........
 في الأخير لا يبقى لي إلا أن أقول :
يا سميح، حرفك.......
سيؤرخ لروحك من بعدك..........
سيؤرخ لروحك من بعدك......

.........الباحث عن الذات.....

قراءة في كتاب: عصر الوسيط أبجدية الأيقونة دراسة في الأدب التفاعلي الرقمي من تأليف د:عادل نذير ، و الصادر عن كتاب- ناشرون لبنان2010م يأتي هذا الكتاب ؛ ليسطر رؤية جديدة في مجال الأدب التفاعلي ، وعلى الرغم من أن بعض الموضوعات التي يتضمنها باتت معروفة في الأدب التفاعلي ، خاصة ما يتعلق بالمفهوم والأنواع من قصيدة تفاعلية ومسرح تفاعلي ورواية تفاعلية، إلا أنه يمثل لونا جديدا على مستوى التحليل والتطبيق. من خلال مفردة " الوسيط" التي يتضمنها العنوان ، يحيلنا المؤلف إلى أننا مقبلون على تجربة جديدة في فضاء جديد، خاصة عندما فسر الوسيط في ثنايا كتابه قائلا:هو المنجز التقني الإلكتروني متمثلا بالحاسب وشبكة الإنترنت، وكأنه أراد التأكيد على أن الحاسوب والانترنت قد أصبحا واقعا لا مفر منه وجب مواكبته خاصة على الصعيدين الإبداعي والنقدي. وبتصفح الكتاب نقف عند هذه الفصول : الفصل الأول : الأدب والكتابة ..ثلاثة وسائط (الطين – الورق- الإلكترون)، عارضا سمات كل وسيط (ص5) الفصل الثاني: الأدب التفاعلي الرقمي (مفاهيم وآليات ص47، وفيه عرض التعريف والسمات وتاريخ النص المتفرع. ولي وقفة مع مصطلح " الأدب التفاعلي الرقمى" ، والذي جعله المؤلف عنوانا لدراسته ، إلى جانب استعماله في ثنايا الدراسة ، لي أن أتساءل أدب رقمي تفاعلي أم أدب تفاعلي رقمي؟.... من وجهة نظري أ دب رقمي تفاعلي، فالرقمية تسبق التفاعلية، فهو أدب لاشتماله على الكلمة مع عناصر أخرى ،مقدم من قبل مبدع ، عبر وسيط ناقل رقمي، ثم بعد ذلك يأتي التفاعل في مرحلة أخيرة ، أدب - حاسوب- تفاعل( متلقى وغيره)، فالرقمي هو الذي يوجد التفاعل من عدمه.....حتى وإن كان التفاعل من قبل المبدع مع الآلة فأيضا الحاسوب هو من وفر تقنية التفاعل للمبدع... بعد ذلك يأتي الحديث عن التفاعلية وتقسيمها إلى نوعين: الأولى: وهى التي تتعلق بالمتلقي إزاء النصوص التفاعلية والثانية: التفاعلية الذاتية وهى تفاعل عناصر المشهد التفاعلي من صوت وصورة وحركة وكلمة، وهذه التفاعلية لها علاقة بالأولى. ثم الحديث عن الأجناس: القصيدة التفاعلية- المسرح التفاعلي- الرواية التفاعلية، وهو حديث لا يختلف كثيرا عن كلام يقطين والبريكى وعبير سلامة. ثم الحديث عن دوافع الإبداع الرقمي خاصة عند "روبرت كاندل" الشاعر الرقمي المشهور. ود :مشتاق عباس معن، والتي حصرها- عند مشتاق- في : - تفعيل الخيال الكامل. -الضرورة التاريخية. - سمة التجريب. الفصل الرابع : القصيدة التفاعلية الرقمية (مستويات الأداء وأسلوبية البناء الدائري ) ،في ضوء التطبيق على قصيدة " تباريح رقمية لسيرة بعضها أزرق "، للدكتور عباس مشتاق معن. كانت هذه أبرز النقاط التي ناقشها الكتاب، والتي من خلالها استطاع مؤلفها أن يخوض غمار هذا الوليد الجديد، مع محاولة قراءة منجز رقمي، ربما قد اختفى حاليا من الشبكة ،وأقصد قصيدة " تباريح رقمية" ، والتي نرجو رؤيتها مرة أخرى حتى نتمكن من معرفة مدى توافق مثل هذه التحليلات مع نصها الأصلي ، وهل يمكن إضافة نواح جمالية أخرى؟ ، فاختفاء مثل هذه النصوص أعتقد سيجعل النقد الذي تم عليها يفقد كثيرا من مصداقيته؛ لأنه لأساس له ، إلى جانب أنه سيجعل المنجز العربي الرقمي في إشكالية كبيرة..كما أنه سيعزز الموقف الذي يرى أن الكتاب الورقي أكثر تعبيرا وتوثيقا من الرقمي.... .......الباحث عن الذات.............


الخميس، 21 أغسطس 2014

إبحار فى" أوجاع ابن آوي" بين جدية الموضوع وجدية العالم المصور تقف عند أعتاب رواية تغريك بالإبحار فيها، إنها أوجاع ابن آوى ...عنوان يفرض عليك مجموعة من التساؤلات، والتى لا يمكن فك شفرتها دون قراءة النص. ابن آوى من هو؟ ، ما حالته؟ ، هل هناك نوع من الرمزية في استخدام هذا الاسم ؟ ما علاقته بمن حوله ؟ من خلال العتبة الأولى للرواية، - ونحن نقصد عتبة " الغلاف والعنوان- نحاول الولوج إلى الرواية لفهمها ، فالغلاف بهذا الشكل الذي يحيل إلى شخصية آدمية، لكنها في الأساس مكونة من مجموعة من الشعيرات أو ما يطلق عليها الأسلاك اليكترونية، والتي تزداد في جانب وتبهت في جانب آخر لكن على الرغم من ذلك يخيل اليك عندما تمسك الرواية وتنظر الي هذا الشكل الادمي الالكترونى كانه ينظر اليك في يأس وضيق واستفسار ..ونحن هنا نتساءل.، ما علاقة هذه الشعيرات بالرواية؟ وإلى أي شيء يحيلنا هذا الوجه؟ ..بتصفح الرواية تجد أنها مصورة في عالمين عالم الحياة الواقعية أو عالم عفاف وأختها أميمة والوالد الشيخ ، والعالم الافتراضي ؛عالم مدونة العاهة ،الخاصة بعلاء السرجاني، صاحب العاهة وصديقة الشامي، ذلك الصديق الذى قام بمهمة تقديم علاء من خلال المدونة عن طريق الاعترافات والتدوينات الكتابية . فهذا الغلاف قد يحيلنا إلى شخصية علاء صاحب العاهة (الخاصة بالنطق)، وهذه الشعيرات ربما تحيل إلى عالم المدونة الاليكترونية ، عالم الوهم والشحنات الكهربائية ، عالم الافتراض؛ لنقف عند سرد جديد قد استثمر معطيات التكنولوجيا الحديثة، لا سيما الانترنت. لنقف أيضا في هذا العالم إمام شخصيات يرثى لها، لكنها سرعان ما تطورت واستطاعت أن تتخذ قرارا يغير مسار حياتها....عالم الرمز والإشارات، عالم الواقع واللاواقع، إنها أوجاع ا بن أوى...تللك الأوجاع التى يصرخ بها العنوان بمفرداته ، فالأوجاع بما تحمله من مرارة وألم ،هى في الأساس أوجاع علاء السرجانى، ولنا إن نفترض مثلا أنها أيضا ربما نرى فيها أوجاع الآخرين،أمثال عفاف والشامي .....لكننا هن اسنجعلها قاصرة على "علاء" ، من هو علاء ؟ما هى صفاته؟. تحدثنا الرواية بأن أوصافه قريبة من أوصاف بنات آوى، الحيوان المعروف.هذا الشبه الذي اعترف به علاء في مذكراته، الأمر الذي جعله يتخذ من لقب " ابن آوى" اسما مستعارا له ..أو كما يسمونه النيكنيم. ومن هنا نقول أن العنوان والغلاف بهذا التفسير يجعلانا نقول أن البطل الأساسي في هذه الرواية هو العالم الافتراضي، عالم المدونة الذي اختزل الأحداث وقدمها ولولا المدونة ما عرفنا من هو علاء وما هى أوجاعه تلك الأوجاع التي رصدتها الرواية في ثناياها، والتي لا يمكن اختزالها في جملة أو كلمة عابرة لأننا إمام حياة كاملة متداخلة وعلائق متشابكة، تتشابه وعلائق العالم الافتراضي المصور. - أيضا الأوجاع مقدمة في لغة تتعدد مستوياتها، بين الفصيح والعامي لكن الفصيح هو الأغلب ، مع الاعتماد على الجملة الطويلة ذات الإيقاع الهادئ الذي يتناسب وإيقاع الأوجاع المصورة ، كذلك هناك مستوى لغوى آخر ، يجب أن تقف عنده لتخرج منه بلغة جديدة نفهمها وهى لغة المعاقين الخاصة بعلاء اقصد مستوى (التهتهة) ،والتي تحاول فك شفرتها عند القراءة في محاولة لإيجاد التفاعلية مع النص المقدم، وإيهام بواقعية النص المكتوب وبالأوجاع المقدمة، لتصبح جزءا من اللعبة المصورة. مع الاعتماد على ظاهرة التناص اللغوية، أو ما يعرف بتداخل النصوص كما في جلب نص التوحيدي وغيره، وربطه بنص الرواية مما يحقق نوعا من التفاعل بين النصوص. - إلى جانب الاعتماد على تقنية الرسم بالخطوط ، حيث نجد النص المقدم لا يعتمد على نوعية خط واحد، إنما موزع بين مجموعة من الخطوط، فخط السرد الذي نراه ماثلا عند أميمه وعفاف ،عالم الواقع يختلف عن الخط الذي كتبت به المدونة، كنوع من الخصوصية النصية وكأن هناك إشارة ضمنية إلى التركيز على نص المدونة ......النص الذي يقدم الأوجاع....فى الأخير....أوجاع لا يمكن حصرها قد صبت في شكل يناسبها، شكل سردي يعتمد على الحكى والحبكة المفككة المتداخلة، والتي تشبه عالمها المقدم، عالم المدونة عالم التداخل والتشابك......بين أوجاع مصورة في عالمين (واقعي وافتراضي) وضعنا أحمد مجدي همام أمام رحلة بحث عن الذات ومعالجتها.....الباحث عن الذات


"حفنات جمر " بين الإبداع والإخراج الفني ---------------------------------------- قصص ترابطية أم قصيصات ترابطية ؟ لن نختلف كثيرا ، على الرغم من خصوصية اللفظ الثاني ودقته على الإبداع المقدم .... - من قبل تم إخراج هذا العمل من قبل الناقد "عبده حقي " واليوم نحن إمام تجربة إخراجية أخرى؛ لتتأكد لنا العلاقة بين القارئ والمبدع ،وليعزفا معا سيفونية اللقاء التواصلي، والذي من شأنه أن يخلق لنا ألوانا من الرؤى الموازية للنص المقدم، وبالطبع هى رؤى تعمل على إثرائه......... وقبل الحديث ينبغي الإشارة إلى إن النص بعد إخراجه قد يظهر بشكل آخر لكنه يحافظ على الجوهر ، وهنا يحضرني الكلام عن تعامل السينمائي مع النص الروائي عند إخراجه في صورة فيلم يشاهد، فمثلا نجد فرقا واسعا بين " ميرامار" نجيب محفوظ الرواية ، وبين " ميرامار"، الفيلم الذي أذاعته السينما من حيث البدايات وعرض الشخصيات والحبكة وتقديمها وما شابة، لكن الجوهر والقضية واحدة في كلا النصين. هذا ما رأيته في إخراج الناقد "عبده حقي"، من قبل ،ورأيته اليوم في هذا الإخراج الذي قدم من ناقدة مبدعة مثل" لبيبة خمار" حول تكنيك الإخراج أقول : -ظهور الروح التشاركية بين المبدع والمخرج سواء في التوجيهات أو التعليقات ..الأمر الذي جعلنا نتخيل أن الناقدة" لبيبة خمار بإخراجها هى التى تحدثنا ،ومرة أخرى نحس بأن المبدع إسماعيل البويحياوي هو الذى يحدثنا ....بشكل عام: - تميز النص المقدم بالخطاب المقدماتي الذي يختفى تحت أيقونه الجدول التوجيهي، والذي نجده أيضا موجودا على يمين الشاشة وهو خطاب لعب دورا كبيرا في النص ، خطاب لم نره في النسخة الرقمية للنص الأصلى ، من شأن هذا الخطاب خلق الحوارية مع القارئ ، وإعطاء مزيد من المعلومات والتوضيحات حول المغامرة الرقمية التي سيقبل عليها، ومن هنا يتحقق جانب مهم، وهو التفاعلية، ولعلى أذكر مقولة " عبير سلامة" حين قالت في نظرة موسعة: إن السرود الرقمية هى سرود تفاعلية، حيث اللعب بين المبدع والقارئ معا ، هذا القارئ الذي - فى وجهة نظري- اتخذ صورا عدة مثل: المشاهد والمخرج والمصمم ، بل إن مبدع هذا النص وهو: إسماعيل البويحياوي، قد تحول هو الآخر إلى قارئ ومشاهد لنصه.. -خطاب مقدماتي تميز بلغته الشعرية التى تعمل على إذابة روح المخاطب او القار ئ (فأنا أتخيلك - أتخيلك قارئا يمارس طقسا جميلا. كلما تذوق حلاوة الاعتكاف فيه كلما ارتقى طبقاته واستحم في سره وصار من مريديه ومحبيه .) - وقد يكون النص مكتملا من قبل المبدع، لكن الإخراج قد أعطاه صورة أخرى، وفتح له مجالا إبداعيا آخر قائما على المشاركة التفاعلية من قبل القارئ خاصة عندما نرى سؤالا مثل هذا موجها إليه : ما رأيك في القصيصات الترابطية للقاص إسماعيل البويحياوي وكذا ايضا حين نجد: يسعدنا تلقي آرائكم وتعليقاتكم وجميع اقتراحاتكم selbouyahyaoui@gmail.com - من التكنيك الإخراجي أيضا التلاعب بالألوان ودلالتها على المعنى المقصود، خاصة اللون الأحمر الذي يتلائم مع "حفنات جمر" ،وألسنة النار المستخدمة من خلال أيقونة الصور المتحركة في النص إلى جانب الصور والخلفيات التي تنفتح علينا من خلال روابط النصوص المقدمة مثل رابط : عصا الجنة... -اللافت للنظر أيضا استخدام إيقونة اليد وقبضها على الحفنات ، ووضعها أسفل رابط الجدول التوجيهي، فق قد أحسنت فيه المخرجة صنعا ،خاصة بعد مجيئ روابط النصوص المقدمة وكأن المخرجة جمعت هذه الحفنات أو الروابط وقبضتها في يدها ثم فجأة ألقتها علينا، لتأخذ شكلها الموجود حاليا.... - من التكنيك الإخراجي إعطاء النص بعدا سمعيا من خلال تنشيط الروابط ، وجعلها تنفتح على مقاطع غنائية، ربما لها دلالة في النص ، من ذلك مثلا: بالضغط على رابط الثورات العربية ضمن نص " عصا الجنة " سوف ينفتح النص على مقطع أغنية أو فيديو : أغنية رائعة للثورة الفرنسية من فيلم البؤساء، وان كنت أفضل المقاطع العربية لتتماشي وطبيعة المشاهد العربي....... يبقى لي أن أتساءل من خلال هذه النظرة الموجزة، هل من الممكن التركيز على الروابط وجعلها أكثر حركية عندما تظهر على الشاشة مثلا؟، وهل يمكن لنا أن نحمل كل رابط من هذه الروابط مقاطع حركية وبصرية وسمعية تتماشى ومضمون الرابط مثلا ؟، و هذا محقق لكن بطريقة جزئية ،وهل يمكن أن نجعل هناك مساحة للقارئ أسفل كل نص، ليكون التفاعل حيوى ومع النص المقدم مباشرة مما يسهم في خلق ما يسمى بالنصوص الموازية ؟ ...... أسئلة ربما تكون بديهية وعادية أو ربما بعضها يحتاج إلى نظر...... لكن دعونا نتخيل طالما نقرأ ما يقدم........ النص ممتع على الرغم من أن البعض قد يجد فيه صعوبة عند القراءة، وهذا طبيعي؛ لأن ثقافتنا العربية لم تتعود بعد ممارسة الحاسوب وهذا حال الكثيرين،كذلك الإخراج فيه قيمة إبداعية حسبي ما سجلته والذي اعتقد أنني لم أعطه حقه، ولو قمت بتفعيل جميع الروابط والأيقونات وتفاعلت معها مرات ومرات لكنت اكتشفت المزيد .... النص والإخراج غنيان ويحملان قيمة فنية ،حسبهما تفاعل القارئ أيا كانت ثقافته ، وحسبهما توظيف ما يسمى باللغة (الكلمة) وتسريد الإعلاميات على حد تعبير" لبيبة خمار".... دمتما بخير.............. ....................الباحث عن الذات


قراءة في :رواية " أحدب نوتردام" لفكتور هوجو "وإلى هذا اليوم لا يعلم أحد ما حدث لأحدب نوتردام"...كانت هذه هى النهاية التي أرادها سارد هذه الرواية، بهذه النهاية المفتوحة التى تتركنا أمام تساؤلات متتعددة منها ، من هو الأحدب ؟، ما هى ظروفه؟ سماته؟ ما الذي جعله يخرج هائما على وجهه، لا يعرف له قبله؟، هل هو مجرد طيف رمزي خيالي لشخصية ربما نراها ماثلة بيننا في كل وقت وعصر ، هذا الأحدب، ذو العين الواحدة والشكل القبيح والسيقان المتقوسة، هذا الأحدب الأصم بين ليلة وضحاها توجوه ملكا للمهرجين في باريس، أصبح سليلا للمتشردين ، لا يعرف له نسبا، وجدوه في لفافة قطنية، وهو صغير ، ثم رباه القس كبير شمامسة كنسية نوتردام، و الذي حاول استغلاله ،لكن على الرغم من ذلك فهو قوى البنية ، يحب النقاء والمساعدة ،وقف بهيئته هذه أمام الخيانة والمكر والجشع، لكن لم يستطع الغلبة في النهاية إنه " كوازيمودو"..الذي أرادته الرواية أن يكون أصما نتيجة عمله في قرع أجراس الكنيسة. وكأن الرواية أرادته أي يكون أصما حتى لا يستمع إلى كلام المنافين..هذا الأصم الذي وقف بجانب "إزميرالدا" الباحثة عن ذاتها وعن أصلها، ذات الجمال الذي بهر العيون ،والتى وقعت ضحية لحب غادر ؛حب قائد حاول إغواءها وقتل النقاء والطهارة فيها، إنها ملكة المتشردين . لتواجهنا الرواية بقوتين متصارعتين، لكن هيهات... قوة الأحدب والملكة المتشردة ومن على شاكلتهم أمام قوة : القس كلود فرولو ( ممثل السلطة الدينية) والسير روبرت القاضي والقائد العسكري " فيبس"....وفى النهاية نقف عند موت الملكة وضياع الأحدب!!! نقف عند ضياع وموت الحقيقة . - ربما كانت هذه هي الأفكار الأساسية التي عرضتها الرواية في شكل بنية فنية كلاسيكية، من حيث الحبكة القصصية المتماسكة ؛من بداية وأحداث متعاقبة إلى نهاية قابلة للتأويلات....ترى ماذا حدث لأحدب نوتردام.؟ .ذلك الرجل الذى ظل خادما لكنيسة نوتردام..... - رواية حاولت أن تمسرح أحداثها عن طريق اتخاذها البنية المسرحية شكلا ومضمونا في أحشائها ، بقراءة الرواية تقف عند نص مسرحي لشخصية من شخصيات الرواية، وهو الكاتب (بيير) حاول عرضها أمام المتفرجين، لكن عرضه لم يتم هذا من جانب ، من جانب آخر نص الرواية بشكل عام يوحى بأحداث وشخصيات متصارعة عن طريق اعتمادها على الحوار في أغلب نصها؛حوار عمل على رصد العلاقات بين الشخصيات،وكذا رسم صورة عامة لجميع أبعادها المصورة ؛ اجتماعيا من حيث الفقر والتشرد والغنى وما شابة ، ثقافية وفكرية ؛ من حيث إن الفن لا يلقى قبولا أو رواجا وأن الكتاب سرعان ما يتحولون إلى متشردين لواقع أليم كما حدث لبيير ،؟ --حوار كشف البعد النفسي من خلال: رصد العالم الداخلي للشخصيات وما تتطلع إليه مثل : حوارات القس وإزميرلدا...حوار جعل النص أقرب إلى المسرحية، فعلا إنه مسرحة الرواية كما يطلقون عليها في نقدنا الأدبي الحديث. - مع الاعتماد على السرد التقليدى الذي يعتمد على الحكى عن طريق الراوي العليم ،متخذا من ضمير الغائب، والجملة الطويلة الوصفية التقريرية طريقا فى رصده للحدث . - إلى جانب الحرص على تقسيم النص السردي إلى فصول مثل: " باريس تحتفل- الشاعر والغجرية- القس والأحدب- الهجوم على نوتردام - كوازيمودو يصل بعد فوات الآوان"....هذه الفصول تعد جملة مفتاحية للنص السردى الذي تتصدره ، حيث حاولت هذه العنواين بفصولها رسم صورة عامة للنص الأم أو العنوان الرئيسي ( أحدب نوتردام)، هذا العنوان الذي يقف إمامنا فى بداية النص فاتحا ذراعية ومرحبا قائلا: عزيزي أنت على موعد مع شخصية لن تنساها.......إنه " أحدب نوتردام" إنه الأصم الذي سمع ما لم يسمعه الآخرون، الذي رأى ما لم يره المتشددون المفسدون الغاصبون القاتلون المضطهدون.أنت على موعد مع الرمزية بكل تجلياتها ؛ رمزية تحتاج إلى فك شفرتها......أحداب نوتردام : بين لفافة قطنية ونهاية سردية ورقية....رأينا حياته ومصيره .......ترى ماذا حدث لأحدب نوتردام؟؟؟؟؟؟؟؟..... محمد هندي


بسم الله الرحمن الرحيم ............علمتني الحياة أن حياتي لا تقاس بالأيام إنما تقاس بالإنجازات...................الباحث عن الذات..........

الأدب التفاعلي ووعينا الإنساني
====================

بات معروفا في الأوساط النقدية أن الأدب التفاعلي هو ذلك النتاج الذي ظهر نتيجة تزاوج ( تداخل) الأدب بالتكنولوجيا الرقمية لا سيما الحاسوب والإنترنت،(سعيد يقطين – فاطمة البريكي) ،والبعض يصفه بالأدب التفاعلي الرقمي في إشارة إلى الوسيط الناقل له (الحاسوب)، وفى سطوري هذه سأنظر إلى هذا الوليد الجديد من خلال نظرة إيديولوجية، مفادها أن الإنسان اجتماعي بطبعه ، عبارة نكررها دائما في مجالسنا العلمية وغيرها،فهو يحب التواصل والتفاعل مع الآخرين، بعيدا عن العزلة والانفصال، وقلة هم الذين يفضلون العيش في عزلة لظروف خاصة أوجدتها طبيعة حياتهم، لكن على الرغم من هذه العزلة إلا أنهم يحاولون أن يجدوا لذاتهم فضاء تحاوريا عن طريق تفكيرهم واستدعاء ذاكرتهم ( للآخر المتخيل)، هذا الأخر الذي يأخذهم مرة إلى الماضي ؛عارضا أمامهم صفحة حياتهم التى طواها الزمن ، ثم سرعان ما يقذف بهم في غياهب المستقبل لمجهول....، ما أقصده هو أنه أيضا في عزلتهم لا يعيشون بمفردهم.

ومن هنا كان التفاعل والتواصل ضرورة حتمية أوجدتها طبيعة هذا الكائن، للتأقلم مع الآخر المتعدد؛ ذاته ، ومجتمعه، ولمّا كان الأدب من الأساليب التي يحاول من خلالها هذا الكائن محاورة الآخر المتعدد، كان من الطبيعي أن يشاركه في هذه الصفة (التفاعلية)؛ لأنه المعبر عنه ، فكي يعبر عنه تعبيرا صادقا عليه أن يتمثله فى جميع أحواله، لذلك أصبح أدبا تفاعليا؛ يٌصور من جانب حياة تفاعلية ، ويُقرأ تلقيا من جانب آخر ،مولدا تفاعلا جديدا.....
ومادامت حياة الإنسان في تطور على مستوى الذات الفردية والجمعية ، كان أيضا من الطبيعي أن تتطور وسائل تعبيره، ومن هنا اكتسب التفاعل في كل مرحلة من مراحل هذا الكائن صورة جديدة ، وهذا يذكرني بكلام " فاطمة البريكي " حين ذهبت إلى أن الأدب بطبيعته تفاعلي ، غير أنه في كل مرحلة يكتسب صفة جديدة (مدخل إلى الأدب التفاعلي).

وعصرنا اليوم بفضاءاته التكنولوجية الرحبة ، يختلف عن العصور القديمة ؛ حيث النقوش والرسوم التصويرية على الجدران ثم الكتابة الطباعية ،وفى كل يحاول الإنسان المحاورة بحثا عن ذاته.

لذا كانت تفاعلية الإنسان التكنولوجية مغايرة تماما لتفاعليته التى كانت مع النقش والرسم بل ومع الكتابة التي لا زالت تؤدى دورها، وستكون حتما مغايرة مع التى سيوجدها المستقبل.

وبناء على هذا يمكن القول إن الأدب التفاعلي في صورته الجديدة- التكنولوجية الرقمية- ضرورة حتمية ، ينبغي العمل على تطويرها وتنميتها ؛لأننا بذلك نعمل على تنمية وعينا الإنساني، ذلك الوعي الذي يجعل من هذا الكائن كائنا متفردا يستشعر جمالية ما حوله ؛ جمالية الوجود والذات، تلك الجمالية التي ننشدها جميعا؛ كلّ في موقعه ؛المبدع والقارئ والناقد والباحث والمعلم والصانع والعامل، فالسعى نحو الجمال هو سعى لاكتشاف حقيقة هذا الكائن، المدرِكُ لهذا الجمال في صوره المختلفة...وإذا كان الأدب التفاعلي شكلا من أشكال هذا الجمال....فكيف لنا أن نغض الطرف عن هذا الوليد الجديد.................

محمد هندي