قصيدة " تقدموا " ومقاومة الحرف
إلى روح
من أفنى حياته، بحثا عن أرضه عبر حرفه.
إن كنتَ قد ذهبت، فحرفك باق، ستردده
الأجيال، جيل بعد جيل
إلى
الشاعر الفلسطيني : " سميح
القاسم"....
تقدموا
تقدموا
كلُّ سماء فوقكم جهنم
وكلُّ أرض تحتكم جهنم
تقدموا
يموت منا الطفلٌ والشيخُ
ولا يستسلم
وتسقط الأم على أبنائها القتلى
ولا تستسلم
تقدموا
تقدموا
بناقلات جندكم
وراجمات حقدكم
وهددوا
وشردوا
ويتموا
وهدموا
لن تكسروا أعماقنا
لن تهزموا أشواقنا
نحن القضاء المبرم
تقدموا
تقدموا
هذا
جزء من قصيدة تحمل روح المقاومة ، فاستحقت أن تدرج ضمن أدب المقاومة ، ذلك الأدب
الذي يظهر وقت الشدائد التي تعصف بأي أمه من الأمم، حيث لا يكون أمام أبنائها
الأحرار سوى الدفاع بكل ما يملكون.
وهنا يظهر الحرف بجوار الحجر والخنجر والبندقية والدبابة ، ولا غرابة أن نجد روح المقاومة بارزة
في شعرنا الفلسطيني خاصة عند أبرز شعرائه أمثال: محمود درويش ، وسميح القاسم،مؤكدا
أن الإبداع دائما يكون وليد واقعه، وكي يعبر عنه تعبيرا صادقا ،عليه أن يتمثله
تمثيلا قويا.....
قصيدة
" تقدموا "
من العنوان تتبدى لنا روح المقاومة والإصرار
على الدفاع عن الأرض والعرض ، تقدموا، بهذا
الخطاب الجماعي الذي يحمل روح العزيمة بدأت القصيدة ، خطاب يرصد لنا قوتين متصارعتين ، قوة المحتل
وقوة المدافع، إصرار نجده في جميع أسطر القصيدة ، شاملا الصغير قبل الكبير، المرأة
قبل الرجل.
قصيدة أراد صاحبها لها البقاء ، حيث المضمون
الذي يتماشى وطبيعة المأساة الفلسطينية على مر الأزمان، لذا ستصبح أنشودة ترددها
الأجيال تباعا.
- هذا الحرف الذي سجله سميح القاسم هو في الحقيقة روحه ، تلك الروح التي
نجدها في تكرار الفعل الجمعي الذي يوجه إلى آخر( المحتل) .
هذا الحرف الذي يتميز بقوته ،تلك القوة التي
ملأت جنبات القصيدة ، حين اختار كلماتها الحماسية، وحروفها ذات النطق الشديد(
القاف- التاء- الواو- الميم- اللام –الدال- الجيم .....). كل ذلك وغيره استخدمه
سلاحا لمواجهة المغتصب المحتل للأرض ، كأنه أراد أن يقول له:
لتعلم أن
تقدمك لن يجد منا غير جهنم من تحتك ومن فوقك، ثم تنتقل الروح من ذاتها إلى
الانغماس في الآخر من بني وطنها، حين يعبر عن اتحاد هدفهم، فيقول في نبرة فخر واعتزاز:
يموت منا الطفلٌ والشيخُ
ولا يستسلم
وتسقط الأم على أبنائها القتلى
ولا تستسلم
أراد أن يصرخ وينادي :أيها المحتل مادامت
أرواحنا باقية ، فلن يهنأ لك بال:
لن تكسروا أعماقنا
لن تهزموا أشواقنا
نحن القضاء المبرم
ثم يختم المقطع
بالجملة الأساسية ، بل بالعمود الفقري للقصيدة (تقدموا) مؤكدا في قوة أن لكل فعل رد فعل...فانتبهوا......
قصيدة تعانق فيها الحرف مع الكلمة والجملة
، لإعلاء روح الإصرار الجماعي ، ذلك الإصرار الذي تصرخ به القصيدة عبر تكرار
حروفها: (واو الجماعة - لن) وأسمائها(كل) وأفعالها(تقدموا- هدموا- يتموا –يستسلم)
هذا التكرار الذي رسم إيقاعا يتميز بسرعة لها دلالتها، سرعة إيقاعية تناسب
الفعل المضموني ( الإصرار والمقاومة)..
.نعم إنه إصرار المقاومة ، مقاومة
الذات الفردية (سميح القاسم) ،ممتزجة في الذات الجماعية ( فلسطين الأم)..........
في الأخير لا يبقى لي إلا أن أقول :
يا سميح، حرفك.......
سيؤرخ لروحك من بعدك..........
سيؤرخ لروحك من بعدك......
.........الباحث عن الذات.....
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق