السبت، 27 سبتمبر 2014

ليتكَ ما قلتَ !!!

راح يتصفح صفحته الشخصية أولا، مراجعا ما بها من تعليقات، بعد ذلك راح يتصفح صفحات الأصدقاء،فجأة توقف عند الدردشة، فوجدها " أون لاين"، طار قلبه فرحا، وعزم على أن يواجهها، ويحدثها بكل صراحة، فكر في نفسه؛ باحثا عن العبارات التى سيخاطبها بها، وعندما أعدّ نفسه لمواجهتها، ذهب مؤشر فارته مسرعا إلى صفحتها،طارقا بابها :
السلام عليكم، كيف حالكِ؟.

جاءه الرد في سرعة
-الحمد لله، كيف حالكَ أنت؟، أين كنت منذ فترة؟
موجود، لكني أعيد ترتيب بعض الأشباء في حياتي.
اممممم، وهل رتبتها؟.
ربما، هل تسمحين لي بكلمة، أود قولها لك؟.
-
تفضل؟.
أصلي مش عارف أبدأ من أين ؟،أنا فكرت كثيرا قبل اتخاذ هذا القرار، وقلت أكيد حضرتك هتشاركيني فيه؟.
أنا ، أنا!!!! ،أصلي ، أشوف!.
مش عارف ، بس حضرتك عارفه اللى أنا عاوز أقوله.
تأخرتْ في الرد، وراحتْ تفكر في نفسها قائلة : " أخيرا أيها العنيد، ستقولها ، فلطالما انتظرتها منك، لكني هذه المرة لن أتركك،لن أتركك، ثم تظاهرت بعدم معرفة مقصده،قائلة له: لا اأعتقد أن الأمر يخصني.
كيف لا يخصك، وأنت محوره بصراحة أنا عاوز أقولك.....
أيوه سكت ليه ....قووول.... لا تتردد، أسمعك جيدا ، تشجع......
وفي حماس خاطبها قائلا : أنا عاوز أقولك ياريت متفهمنيش غلط، ومتعلقيش على صفحتى مرة أخرى.،فاهمة والا أكرر تاني.
جاءه الرد أوف لاين.

الخميس، 25 سبتمبر 2014

ضحية

كعادته كل يوم يذهب حامد إلى جامعته بعد الظهر ، يتأمل كل شيء حوله ،لا يرى شيئا دون  تعليق، هى طريقةٌ أعتاد عليها. 
 في طريقه يرى سيارات فارهة تدل على أصحابها، وأخرى تآكلت بفعل الزمن، تحتاج إلى من يدفعها لا من يقودها.، وشباب قد ضاع في غياهب الجب- الزمن- ، معايير قد انقرضتْ ، سُباب هنا وهناك ، يفكر في كل ذلك، لكن مثل كل مرة لا يجد تفسيرا. 
في إحدى المرات وقع بصرُه على امرأة وطفلين صغيرين يجلسون بجوار رصيف يرثى لحاله ، رآها تمد يدها ، وبطبيعة الحال هناك من يشفق عليها ويعطيها وهناك من يقول لها : الله يسهلك ، وآخرون يرددون بين بعضهم: عارفين دى معاها ومعاها ، دى أغنى منينا ياعم !! 
  وسط هذه الأفكار المتطايرة في رأسه، أخرج من جيبه جنيها وأعطاه لها ، سمعها تقول : ربنا ما يزلك لحد ..يا لها من كلمات لها وقع كمطرقة من حديد وقعت على رأسه ، رثى لحالها، فهي امرأة كأنها لا تعرف للطعام بابا ، شاحبة الوجه ، ترى قسوة الزمن مرسومة على تجاعيد وجهها ، كلُّ تجعيدة تحكى لك عن فترة في حياتها ، في عينيها -الواسعة- نهم الحرمان ، ويد لها عروق كفروع شجرة لم ترو منذ زمن ، يكسو كل هذا فستان أسود لم يغسل منذ سنين.... 
لسان حاله يصرخ قائلا: ارحمينى ،..وبجوارها طفلان صغيران ناما على الرصيف كحمامتين مذبوحتين،  في ملابس مهترئة وأقدام متسخة ، وبشرة تشبة الرصيف الذى ينامان علية، ينظران إليك وحالهما يقول لك : ما ذنبنا ؟، جائعون ، ارحمونا..ياه من لهولاء الصغار، أهم بناة المستقبل كما ينادون في كل مكان، في نعرة كاذبة (نهتم بأطفالنا لأجل حياة كريمة فهم بناة الغد)هأ هأ هأ ..
 
 وصل إلى جامعته، وبعد أن أنهى محاضراته، خرج عائدا إلى البيت، وبالطريقة نفسها أخذ يفكر في كل ما يرى ، وتذكر المرأة والطفلين، وقد ظن أنه لن يراهم مرة أخرى ولعن الزمن وكل شيء أدى بهم إلى هذا المصير ، وكادت سيارة تصطدم به ، لكنه سمع من بداخلها يقول له معتذرا:
 sory  مش قصدي والله.حصلك حاجة .. وأشارت بيدها باي باي .
رد (بسخرية شديدة ) وبصوت عال : باي باي ..
وصرخ وكأنه في مشهد تراجيدي يقوم بتمثيله على خشبة المسرح: أنا أيها العالم مخطئ وغبي، لماذا أتعبُ نفسى في التفكير ؟ ألم أكن منذ قليل سأقع ضحية لباي باي ،أشهدك أيها العالم أني برئ من الذين يفكرون في الآخرين ، ما حيلتي وما ذنبي، وأخذ يردد في طريقه كأنه مجنون باي باي ياعم باي ، ازيك ياحامد ، باي باي يا عم باي ، ، هاقبلك الساعة 11 باي باي يا عم باي ، خليك على جنب يا عم ، باي باي يا عم باي 
فجأة وقع أمام المرأة والطفلين إثر صدمة سيارة له، التف الجميع  حوله، وسمع صوتا من داخل السيارة يقول له: إنت تاني مش.... نظر إلى المرأة والطفلين قائلا : باي باي ...يا عم باي

الأربعاء، 17 سبتمبر 2014

حوار شعري افتراضي

كان هذا الحوار مع الناقد والباحث المغربي الدكتور/ محمد أسليم.....حول الشعر وعلاقته بالفلسفة والأسطورة والجنون والخطابات الأخرى ، مع محاولة إيجاد حل لإشكالية التلقي المعاصر لكينونة الشعر وتذوقه، فالشعر سيبقى دائما هو المعبر عن فيض المشاعر، والذات المبدعة في شقيها الفردي والجمعي ،
إليكم الحوار:

د .محمد أسليم : يتاخِم الشعر الفلسَفةَ، إذ يُسَائل كلَّ شيء وَيُشكك فِيه، لَكنَّه يَنْأى عَنهَا بإحْجَامِه عَن بناء نظريَات وعَن مُخاطبَة العقل وَحْده، ويُتاخم الأسْطورة، إذ يَعُودُ إلى أزْمِنَة البدَايَات، لكنهُ يبتعِد عَنهَا بتجَاوُزه تفسير أصُول الأشيَاء إلى إعَادَة خَلقها، وَيتاخِم الجُنونَ، إذ يَنزَاحُ عن اللغَةِ العَاديةِ لكنهُ ينأى عَنهُ بارتِبَاطِه بالمُتلقِّي بِميثَاقٍ ضمْنيَ أو صَريح.

هندي : فلسفة -جنون- وهم- خيال- بحث عن ذات- أفكار - وصراعات..كلها رؤى تعبر عن صورة واحدة ألا وهى صورة الإنسان الباحث عن جوهره أو الباحث عن الإنسان عبر رحلته الأبدية ، من هنا يأتي الشعر وسيلة للوصول إلى ماهية هذا الإنسان المتعدد الرؤى والزوايا؛ محددا مكانه وموقعه من عالمه ، وكذا علاقته بالآخر المتعدد: الذات النفسية والذات الجماعية. الشعر يعطى حرية لصاحبة بأن يعيش عالما يسمو فيه على روح كل الأشياء، لذا يشعر الشاعر أنه مختلف عن غيره وأن عالمه يتشكل حسب رؤيته التي يؤمن بها،لكنه من خلال مثاليته يصطدم بواقعية دوما تعمل على اغترابه وكسره. حقا... الشعر يتاخم الإنسان من حيث كينونته الإنسانية.

د.أسليم :إذا جاز أن نشبه الشعر بإله، فسيكونُ بمنزلة الرب خالق أنواع الخطاب الثلاثة التي ذكرتُ، وتكون منزلتها قياسا إليه تشبه منزلة قدماء المتصوفة القائلين بالحلول قياسا إلى الله، فيكون هو [الشعر] هي [الفلسفة والأسطورة والجنون]، ولكنها ليست هو، وتكونُ هي هو، لكنه ليسَ هي... وإن شئنا الابتعاد عن هذا التشبيه الموغل في التجريد أمكن القول بكل بساطة: الشعر هو:
أ‌) إما إقامة أو موطنٌ مجاورٌ للأسطورة والفلسفة والجنون، أي أنه بمثابة كيان بارز، إن شاهدناه عن بُعد تراءت لنا حدوده جلية وواضحة، لكن متى اقتربنا منه أو دخلنا إليه، تغير الأمر وصار، بمدى الاقتراب من حدود كل جار من جيران الشعر الثلاثة، يتلاشى الفرقُ بينه [الشعر] وبين جاره،
ب‌) أو أنه ليس بإقامة ولا بموطن مستقل - يقع بين – أو ينفصل عن - الأسطورة والفلسفة والجنون، بل هو كيانٌ مجرد، بمثابة نهر، ينبع من هذه المصادر ويصب فيها في آن واحد. لكنه مع كونه جوهرا مجردا، فهو ملموس ومُشاهدٌ محسوس، هو هذه القصائد التي يبدعها الشعراء، فيكتبونها أو يلقونها علينا، بل وينشرونها في كتب ورقية أو وسائط رقمية...
بهذا المعنى، قد يكونُ الشعرُ هو خلط لأوراق الوجود، إن صح التعبير، فيكونُ مما يمكن أن يُزعج ويُقلقُ، كما يمكن أن يكون مما يُفرحُ ويُسعدُ، وتكون إحدى وظائفه هي أنه يضعنا بين المرئي واللامرئي، الملموس والمجرد، المحدود واللامحدود، اللامتناهي الصغر واللامتناهي الكبر... وبقدرته على هذا الربط، فهو يسبق العلم، ويتجاوزه، بحيثُ يصيرُ أفقا لهُ. وبذلك قد يكون الخلط الظاهري لأوراق الوجود هو في الواقع كشفٌ لوحدة الوجود العميقة التي بمقدر توغلنا في العودة إلى الأزمة الماضية تبدو جلية، وبمقدار ابتعادنا عن تلك الأزمة السحيقة واتجاهنا نحو الحاضر تبدو [تلك الوحدة] مفقودة... ألا تعمل إحدى النظريات العلمية، وهي نظرية الأوتار، منذ عقود طويلة على إيجاد ما يسمونها بنظرية الكل La théorie du tout، أو المعادلة الرياضية، التي توحد بين قوانين العالم اللامتناهي الكبر التي بدأ صياغتها إسحاق نيوتون وأكمل وضعها أنشتاين، وبين قوانين العالم اللامتناهي الصغر مجال ميكانيكا الكم وفيزيائه.

محمد هندي : ولم لا نقول إنه مرآه تمتص ما حولها وتستفيد منه وتعمل على تجميعه في بؤرتها ثم سرعان ما تقدمه في إشعاع جديد لكن بروحها الشعرية المميزة، وهذا لا ينفى أن لكن خطاب خصوصيته لكن ليست كل الخطابات قادرة على الاستفادة من غيرها.......هذ ا يعنى أن الشعر مرتبط بذات، هذه الذات روافدها متتعدة لذا من الطبيعي أن يستمد روافده منها...

د. محمد أسليم : ورد جزءٌ من هذا في كلامي السابق، لكن في الاكتفاء بتعريف الشعر على أنه كيان ينبع من خطابات مجاورة (الأسطورة والفلسفة والجنون، أساسا) مُجازفة باعتباره ينحدر منها، وأنها أصول له، والحال أنه يمكن أن يكون أصلا لهذه الخطابات الثلاثة، فتمتح بدورها منه. ألم يلتبس فكر نيتشه على الفلاسفة وفقهاء اللغة، فاعتبره الأوائل أديبا واعتبره الأواخر فيلسوفا، وكانت بداية مشواره الفكري فقه اللغة تحديدا، إذ اشتغل أستاذا جامعيا لهذه المادة، وكان هذا الحقل المعرفي يُعنى آنذاك بدراسة الأساطير أساسا؟؟؟ هذا مجرد مثال.

محمدهندي: هل يعنى أننا أمام علاقة معقدة متشابكة ؟

د. محمد أسليم : في غاية التعقيد وفي منتهى الوضوح في آن واحد!!! ويصير الأمر في غاية التعقيد أو في غاية الوضوح بحسب الموطئ الذي نضع فيه قدمنا، أو النقطة المرجعية التي نستند إليها، أو والمنظور الذي نرى الأشياء منه

محمد هندي: إّذا هذا ما يجعل للشعر مذاقا خاصا وبحرا لا يركبه إلا من يعى طبيعة أمواجه وعيا جيدا........

د. محمد أسليم هو البقية المتبقاة من إنسانيتنا (طور الانقراض؟؟) المنحدرة من عصور موغلة في القدم، يمكن الصعود بها إلى أيام كنا ذرات في الفضاء وغبارا في سديم...، والتي وحدها اللغة الشعرية، من منظور وحدة الشعر واستقلاله، تقوى على استحضارها والتعبير عنها.

محمد هندي :ربما يكون الشعر الرقمي فيما بعد تعويضا لانسانيتنا المنقرضة ؟.....وإن حدث هذا أرى أن ذاتيته ستكون جامدة..خاصة بما يتحه الفضاء الرقمي....لننتظر........

د. محمد أسليم: ربما يكون الشعر الرقمي فيما بعد تعويضا لإنسانيتنا المنقرضة ؟.....وإن حدث هذا أرى ان ذاتيته ستكون جامدة..خاصة بما يتحه الفضاء الرقمي....لننتظر.........»، فاتني هذا السؤال، لأنه وجيه ومما يقتضي قول كلمة فيه، بطرح أسئلة وصياغة فرضيات سبق أن أوردتُ بعضها في معرض التعقيب عن إدراج لي سابق، يتناول مسألة الشعر والتكنولوجيا... سأجيب عنه لاحقا، وربما أعدتُ نشر هذا الحوار في موقعي الشخصي. إلى هناك، 

محمد هندي: لكن أستاذنا اليوم حتى في دراستنا الجامعية هناك فجوة بين المتلقين وطبيعة الشعر فما سبب ذلك ؟ هل هذا راجع إلى طبيعة العقلية الثقافية اليوم حتى أن الكثيرين يجدون معاناة في فهم قصيدة مثلا سواء أكانت تقليدية أم معاصرة خاصة أن المعاصرة تلجأ في كثير من الأحيان إلى استدعاء التراث أو الأساطير وغيرها من النصوص الموازية تحت مسمى التناص أو التفاعل النصي ؟ ما سبب هذه الفجوة وما حلها........؟!!

د. محمد أسليم :في نظري المتواضع، هي واحدة من آفات تشبه الدراسات الأدبية بالعلوم واستعارتها مناهجها منها. ومناهج العلوم كانت وليدة استقلالها عن الفلسفة والإنسانيات عامة، وبقدر ما أبان هذا الاستقلال عن فعاليته تحول إلى محرك لتطور العلم، بحيث صار تقدمه، بل وبقاؤه، يتوقف على هذا التجزيء، إلى أن ظهرت تخصصات عديدة داخل التخصص الأب الواحد، وستظهر أخرى بالتأكيد. ربما يجوز أن تقترض الدراسات الأدبية مناهج العلوم، لكن إلى حدود معينة. وليس حرفيا... وباختصار، لتذليل المعاناة المصادفة في تلقي الشعر، قد يتعين عدم الاكتفاء بتدريس تاريخ الأدب والمدارس النقدية والمناهج الأدبية لطلبة كليات الآداب، فإلى جانب ذلك، يجب تدريس الأساطير وتاريخ الأديان وعلوم مثل الفيزياء والفيزياء الفلكية والبيولوجيا، الخ... بمد جسور بين الآداب والعلوم، أي دون تذويب طلبة الآداب في العلوم، فيكتفي بأن يؤخذ منها ما يفيد الأدب. فليس طلبة الآداب بمطالبين بتشخيص أمراض ولا تحرير وصفات أدوية، ولا هم آيلين إلى اكتشاف نجوم جديدة...

محمد هندي : بالفعل أستاذنا إن أردنا فهم هذا الفن علينا فهم أرضيته أولا وهذا هو لب الموضوع ، طلابنا اليوم يقرؤون القصيدة ولا يعرفون أنها نتاج ثقافات متتعددة إن اردنا فهمها جيدا فعلينا فهم هذه الثقافات لذا يحضرنى قول صلاح فضل عندما وصف الشاعر المتمكن بأنه ذلك الشاعر الذي يتميز بالموهبة والاطلاع على الثقافات والتجارب الأخرى كي يثقل تجربته الشعرية مقدما إياها في تركيب لغوي مناسب.....
سعدت بالحوار معك كثيرا أستاذنا الفاضل...تلميذك
بتاريخ :..2014....مايو



الثلاثاء، 16 سبتمبر 2014

صمْتٌ يستغيث

وصفتني قائلة: "يعيش في عالم خاص ،لا يرى فيه أحدا غير نفسه"  ، فلما سمعت وصفها ، فكرت قليلا قبل أن أفاجئها ، هل ما قالته حقيقة ؟ ، فهى أكثر مخلوق عشتُ معه ، كانت سمعي وبصري وروحي التي انسلخت منها فجأة. ...
تمهل ربما كانت على صواب ،لكن إن كنتُ كما قالتْ، فهذا يعنى أنها لم تفهم بركاني الذي يغلي ..نعم لم تفهم صمتي ...ظننتُ أنها ملكتْ حياتي، لكننى كنتُ مخطئنا.. ، وبينما أعدُّ نفسي للقائها ،والرد عليها ، رأيتها ماثلة أمامي ، وعينها تنهمر بالدموع، عندها توقف لسانى عن الكلام، غبتُ بفعل سحرها فى دوامة عيونها المضطربة ، عينى وعينُها قد التقتا ،رأيتُ في نظراتها كلََّ ما كنتُ افتقده ، أخذنى الحلم لأسبح بين شطآنها......فجأة ولّت بعيدا قائلةً : أنت لا ترى غير نفسك ،..لن تصل إلى شئ أبدا ،ستموت ضحية أحلامك ، حدّقتْ في عينى وهي تصرخ: واهم.. واهم،لقد اتخذت قراري، سأعيش واقعي بقسوته ،ومرارته لأنك لم تبق لى شيئا ،فأنت إنسان لا يعرف نفسه....... عندها صرخت في وجهها ،وأنا أمسك بها ،أعتصرها بين كفي، والكلمات تخرج من فمى، وجبينى يتفصد عرقا ، في لحظة هستيرية: أنا ؟ من أنا؟!!... حياة... أي حياة نتحدث عنها ؟ ، واقع ..ألم ...خيانة ....يأس...نفاق .حب.. امرأة... ههههه.....حتى أنت لم تفهمِ صمتى ...تستعجلين كل شئ... حكمتى علىّ قبل أن ...... ..نعم لست واضحا ؛ لأني أرى الحياة غموضا فى غموض ..... أنا عالم لا أرى فيه غير نفسى ... أتسمعيننى؟!! ... أنا عالم لا أرى فيه غير نفسي...... فليسقيط... فليسقط الحب... لتسقط الحياة التي بها أمثالك.... لتسقط الأقنعة التي تنادي باسم الوفاء
تركتها، واضعا وجهى بين كفي راثيا لحالي ......بعد صمت مخيف.....نظرتُ إليها، فلم أجدها......لكنني وجدتها قد خطت على الأرض : " تذكر أنك أنت من أعدم الحب... وقتل الحياة....."...

رفعت وجهى إلى السماء مستغيثا، ليس ذنبي... ليس ذنبي ......رباااه .ززهل سأظل شريدا بلا مأوى؟!!!.....بينما الأفكار تتصارع وتتلاعب بمشاعري يمنة ويسرا ،أنقذني منها.... رنين محمولي الخاص ...أغلقته........ولم أذهب إليها.....لتقل ما ...تشاء.... ثم رجعت إلى مكاني في هذا العالم. ......

الاثنين، 15 سبتمبر 2014

المبدع واتجاهه الفني


في هذه السطور أسجل وجهة نظرى حول هذه النقطة ، التى ينبغى على الدارسين للفن عموما والأدب خاصة، معرفتها والتوقف عندها،
معروف أن لكل مبدع وجهة نظر وأيديولوجية معينة يؤمن بها ، ويحاول توظيفها لخدمة مجتمعه من وجهة نظره، هذه الأيديولوجية هى ما تشكل اتجاهه العام في إبداعه ،ويمكن القول إن اتجاه أي مبدع يعرف من خلال كتاباته، فيقال واقعي إذا اتسمت كتاباته بنزعة الواقعية ، ورومانسي إذا كانت كتاباته ذات ملمح رومانسي نحو الطبيعة وعالم الوعي وغير ذلك ، ومن هنا نجد مصطلحات متعددة على الساحة النقدية مثل: الكتابة الواقعية ، الكتابة النفسية ، الكتابة السيريالية الرمزية ، وقد ينص المبدع صراحة على اتجاهه فى الفن الذي اختاره، ولى أن عرض مثلا:
-نجيب محفوظ، الكاتب الروائي المعروف، قال فى لقاء له:" قرأت فرجينا وولف وتشارلز ديكنز، لكنى اخترت الكتابة على طريقة ديكنز ؛لأنه يكتب عن بيئة أشبه ببيئتي" ....وفرجينا ولف من تيار الرواية الحديثة، رواية تيار الوعي وديكينز واقعي تقليدي.
- ديستوفيسكى الكاتب الروسي المعروف،،، قال :" يدعونني عالما نفسانيا ، هذا كذب! أنا واقعي فحسب ،إذ إنني أصور أبعاد النفس الإنسانية......."، فهو يرى أنه أكثر واقعية من غيره ، أطلق عليها الواقعية النفسية.
- جارثيا ماركيز كاتب أمريكا اللاتينية ، ومن رواد الواقعية السحرية : " سئل لماذا مزجت السحر بالواقع في اعمالك ؟، قال :لأن الواقع في أمريكا اللاتينية يموج بأشياء لا يصدقها عقل".....
وهكذا إما أن يقف القارئ على اتجاه المبدع من خلال كتاباته أو أن المبدع يصرح مباشرة عن اتجاهه..
يبقى على النقد تبين الوظيفة الجمالية للاتجاه الذي سلكه المبدع، وهل أثر في آخرين عن طريق استلهامه في كتاباتهم شكلا ومضمونا أم لا ؟ وهل فعلا جاءت كتابات المبدع دالة بصدق على اتجاهه أم لا؟.........
..........الباحث عن الذات

تقديم الناقد والكاتب د. سيد نجم لمجموعة " ماكرة لكن أعشقها"

حين يسعى المرء إلى تجاوز واقعه المعيش، بكل ما يحمله هذا الواقع من منجزات وإحباطات معا، لا يوجد من وسيلة أفضل من البوح، وبناء واقع بديل يتفاعل معه، عله يبحث عن مرفء يرسو إليه قاربه ويهدأ.
بين يديك صديقى القارىء، أوراق رحلة من البوح المتعارك مع الحياة اليومية، لقلم شاب جاد يحلم وهو مفتوح العينين، ولا تغفل حواسه أبدا.. إنها تجربة "محمد هندى" الأولى فى كتابة القصة القصيرة.
فضل القاص أن يكون عنوان المجموعة "ماكرة لكنى أعشقها"، وهو عنوان إحدى القصص المتضمنة فى المجموعة التى تبلغ 23 قصة قصيرة.
سرعان ما ينتبه القارىء، فور الإنتهاء من قراءة المجموعة، خصوصاً لمن يعرف القاص شخصيا، أنه يكتب نفسه.. تجاربه الخاصة، رؤيته وتقييمه فيما يرى ويسمع. وهى سمة من سمات العمل الإبداعى الأول دوما.
ففى تلك الأعمال يتعرف القارىء على بعض من ملامح القاص.. التأمل والتفكر فى كل الأمور وإن بدت هينة وعادية، كما يلاحظه القارىء مع القصص التى تنشغل بالطفل، خصوصاً الفقراء المحرومين منهم. كذلك الروح المرحة الساخرة، كما فى قصة "يا فرحة ما تمت". وأيضا مشاعر الاغتراب النفسى أحيانا، كما بدا فى قصة "زنزانتى" و"صرخة".
كما تعكس بعض الأعمال انشغالات القاص وهمومة اليومية، مثل انشغاله بالثقافة الرقمية والعالم الافتراضى، وكانت قصة "مناجاة صورة"
هكذا بدت تلك الأعمال الطموحة، تعبيراً عن قلم ناهض طموح ينتظر منه الكثير، ويتوقع له ما هو جميل يثرى به حياته وحياة كل المتعاملين معه.

الخميس، 11 سبتمبر 2014

يا فرحة ما تمت

    جاء - كعادته - من الخارج بعد لقاء مع زملائه في الدراسة،  فتح باب الشقة، كانت الأضواء مطفأة، ما عدا نور أصفر في ركن الغرفة ولمسة من الشاعرية تحيط به، مع نسمات الربيع القادمة من نافذة الغرفة المجاورة للباب، جعلت الستائر تتراقص على نغماتها....
   وجدها نائمة في مكانها، تأملها كأنه يراها لأول مرة ، ما هذا النور الذي يشرق من وجهها الملائكي، براءة لم ير مثلها، قّبل يدها  وهى نائمة  ،استقيظتْ فزعة : مين؟!!... حبيبي متى جئت ؟
-  منذ قليل .
-سأقوم لأحضر لك العشاء.
 -أنا جائع جدا
 جهزت لك  الفراخ الذي تحبه.
قّبل يدها ثانية داعيا لها:ربنا يبارك فيك .

   قامت تتمايل وهى بين النوم واليقظة ، مستندة إلى الحائط ،فلما رآها هكذا قال  لها :تعالى نامي أنا مش هتعشى،  أراد مداعبتها .
-        - (أوه عبارة كل يوم) طاب والله لو ما أكلت.خلاص خلاص.
  ثم ذهبت بثوبها الأبيض المزخرف، وشعرها يسبح خلفها ، موزعا نوره  في أنحاء الشقة.
  أعدتْ له طبقا من السلطة:(خيار- فلفل- طماطم –خص- مع قليل من الملح)، وجاءت بطبق من المكرونة ، عملْتَها اليوم بطريقة مختلفة
- هههه أستاذة.
 وبابتسامة رقيقة ، منبئة عن أسنان مثل الصدف ،ذهبتْ لتحضر الخبز. 
  خاطبها بلهفة العاشق وشوق الحبيب الغائب :أين فرختى ؟ ولشدة جوعه تخيلها، وهي تتقلب في النار ،لم يتمالك نفسه فصاح بصوت عالٍ  : لمَ التأخير؟!
    أسرعتْ إليه ، وقد كسى الحزن وجهها ، قال في نفسه:  يارب ما الذي حدث؟!!، لم أفعل شيئا تجاهها، ترى هل تذكرتْ شيئا من ماضيها الأليم، ربما . فالذكريات دائما ما تكون  عدوا لدودا، يتربص بنا.....أعاد النظرة إليها، وإذ بها تحمل طبقا فيه الفرخة،  بدت ملامح الفرح على وجهه كأنه لقى حبيبه  بعد طول غياب،خاطبها في حنان :مالكِ تقفين هكذا؟!!
   اقتربتْ منه : فرختك ياحبيبى...     
   نظرفي تعجب ما الذي جعلها هكذا ، أشبه بسواد ليلة ليلاء
- تركتها فى الفرن ونِمتُ.......
--هأ هأ هأ معلش خلينى فى السلطة،  ثم خاطب نفسه ضاحكا : ليس بغريب على حياتنا ، وكأن السلطة مصيرنا المقدر..مصيرنا المقدر...ثم راح يغني أكلك منين يا سطلة.........
 

الثلاثاء، 9 سبتمبر 2014

نجيب محفوظ يتحدث عن نفسه


حقيقة لا أميل إلى أن يتحدث أي مبدع عن حياته أو تجربته الأدبية حديثا مباشرا ؛لأني أرى أن ذلك يكشف أسرار العمل المقدم وخصوصيته،  وربما يخفف حدة التشويق والإثارة، حتى وإن بدا للكثيرين أن حديث المبدع عن تجاربه فيه لون من كشف الغموض واللبس عن قضايا كثيرة لا يستطيع القارئ مهما فعل أن يصل إليها .
في أثناء مشاهدة التلفيزيون وقع نظري علي فيلم تسجيلي بعنوان : "حارة نجيب محفوظ" ، موضوعه " نجيب محفوظ"،  والذي لا تكفى كلماتي هذه لتقديمه، ذلك العالم المتحرك بشخصياته المتعددة، فأنت مع الزقاق في حياة نختلف عن الثلاثية ، عن ميرامار عن الحرافيش ،عن بداية ونهاية، عن القاهرة الجديدة ،عن أولاد حارتنا عن... عن....
- نجيب محفوظ هو القائل فى حوار له:" قرأت فرجينا وولف وتشارلز ديكنز، لكنى
إخترت الكتابة على طريقة ديكنز ؛لأنه يكتب عن بيئة أشبه ببيئتي" ....وفرجينا وولف تتبع تيار الرواية الحديثة؛ رواية تيار الوعي،  وديكينز واقعي تقليدي
- نجيب محفوظ قلب الحارة النابض.....
على كل الأحوال فيلم على الرغم من قصره إلا أنه - مع احتفاظي برؤيتي- ربما وضح كثيرا من القضايا التي تشغل بال المهتمين خاصة بالدراسة النقدية، لاسيما الروائية منها  فتجده قد تحدث فيه عن :
-لمحة عن حياته ومولده في حي الجمالية ومشاهداته للمظاهرات في أيامه...
- الحديث عن " زقاق المدق"  وكشف بعض أسراره خاصة مع قهوة الزقاق  ومن هنا جاءت رواية الزقاق  نابعة من حبه للزقاق الذي عاش أيامه .
- الحديث عن الثلاثية ورواية الأجيال  وتجربته مع شخصياته المتعددة ،وأنه لا يوجد أدب  يخلو من هذا النوع قاصدا قصص الأجيال.
- الحديث عن الفتوات، وأن لكل حارة فتوة ،وتختلف شخصية الفتوة من واحد لآخر  فهناك أناس في غاية الشهامة وهناك على خلاف ذلك.وشخصية الفتوة من الممكن أن تستعمل كرمز  للسيد أو للحاكم فأغلب استخدامه للفتوات كان رمزيا.
- الحديث عن الحارة وأيضا استخدامها كرمز للدنيا مثلا  أو لمصر ، والحارة بمركزها كان لابد من ظهور منبع روحي فيها، تمثل هذا في التكية بما تحمله من رمزية للقيم الروحية.
-      الحديث عن " العوالم" كجزء من هذا العالم، وأن الرواية تصورهن كنوع مثلا من المفارقة والسخرية  فمثلا الست المنحرفة أفضل عنده من المنافق المتدين الذي يظهر خلاف ما يبطن
-       ثم الحديث عن المرأة بشكل عام،  وحقوقها في التعلم والعمل؛ لأنه يؤمن بحقوق الإنسان عامة. 
-      ثم الحديث عن الحرافيش ودور المقهى في حياته وحبه لكل شيء؛ حبه للعمل  حبه للناس حبه للموت......
-      وأخيرا حبه لمصر  ، مسطرا عباراته التي تجسد هذه العلاقة: " مصر هي المولد والمنشأ ،وهي ليست مجرد وطن محدود بحدود ، ولكنها تاريخ الإنسانية كله، وإني لأرجو ألا أفارقها إلا مطرودا أو منفيا"...........
............... الباحث عن الذات.............