كعادته كل يوم يذهب حامد إلى جامعته بعد الظهر ، يتأمل كل شيء
حوله ،لا يرى شيئا دون تعليق،
هى طريقةٌ أعتاد عليها.
في طريقه يرى سيارات فارهة
تدل على أصحابها، وأخرى تآكلت بفعل الزمن، تحتاج إلى من يدفعها لا من يقودها.،
وشباب قد ضاع في غياهب الجب- الزمن- ، معايير قد انقرضتْ ، سُباب هنا وهناك ، يفكر
في كل ذلك، لكن مثل كل مرة لا يجد تفسيرا.
في إحدى المرات وقع بصرُه على
امرأة
وطفلين صغيرين يجلسون بجوار رصيف يرثى لحاله ، رآها تمد يدها ، وبطبيعة الحال هناك
من يشفق عليها ويعطيها وهناك من يقول لها : الله يسهلك ، وآخرون يرددون بين بعضهم:
عارفين دى معاها ومعاها ، دى أغنى منينا ياعم !!
وسط هذه الأفكار المتطايرة في رأسه، أخرج من جيبه
جنيها وأعطاه لها ، سمعها تقول : ربنا ما يزلك لحد ..يا لها من كلمات لها وقع
كمطرقة من حديد وقعت على رأسه ، رثى لحالها، فهي امرأة كأنها لا تعرف للطعام بابا
، شاحبة الوجه ، ترى قسوة الزمن مرسومة على تجاعيد وجهها ، كلُّ تجعيدة تحكى لك عن
فترة في حياتها ، في عينيها -الواسعة- نهم الحرمان ، ويد لها عروق كفروع شجرة لم
ترو منذ زمن ، يكسو كل هذا فستان أسود لم يغسل منذ سنين....
لسان حاله يصرخ قائلا: ارحمينى ،..وبجوارها طفلان صغيران ناما على الرصيف كحمامتين مذبوحتين، في ملابس مهترئة وأقدام متسخة ، وبشرة تشبة الرصيف الذى ينامان علية، ينظران إليك وحالهما يقول لك : ما ذنبنا ؟، جائعون ، ارحمونا..ياه من لهولاء الصغار، أهم بناة المستقبل كما ينادون في كل مكان، في نعرة كاذبة (نهتم بأطفالنا لأجل حياة كريمة فهم بناة الغد)هأ هأ هأ ..
لسان حاله يصرخ قائلا: ارحمينى ،..وبجوارها طفلان صغيران ناما على الرصيف كحمامتين مذبوحتين، في ملابس مهترئة وأقدام متسخة ، وبشرة تشبة الرصيف الذى ينامان علية، ينظران إليك وحالهما يقول لك : ما ذنبنا ؟، جائعون ، ارحمونا..ياه من لهولاء الصغار، أهم بناة المستقبل كما ينادون في كل مكان، في نعرة كاذبة (نهتم بأطفالنا لأجل حياة كريمة فهم بناة الغد)هأ هأ هأ ..
وصل إلى
جامعته، وبعد أن أنهى محاضراته، خرج عائدا إلى البيت، وبالطريقة نفسها أخذ يفكر في
كل ما يرى ، وتذكر المرأة والطفلين، وقد ظن أنه لن يراهم مرة أخرى ولعن الزمن وكل
شيء أدى بهم إلى هذا المصير ، وكادت سيارة تصطدم به ، لكنه سمع من بداخلها يقول له
معتذرا:
sory مش قصدي والله.حصلك حاجة .. وأشارت بيدها باي باي .
رد (بسخرية شديدة ) وبصوت عال : باي باي ..
وصرخ وكأنه في مشهد تراجيدي يقوم بتمثيله على خشبة
المسرح: أنا أيها العالم مخطئ وغبي، لماذا أتعبُ نفسى في التفكير ؟ ألم أكن منذ قليل سأقع
ضحية لباي باي ،أشهدك أيها العالم أني برئ من الذين يفكرون في الآخرين ، ما حيلتي
وما ذنبي، وأخذ يردد في طريقه كأنه مجنون باي باي ياعم باي ، ازيك ياحامد ، باي
باي يا عم باي ، ، هاقبلك الساعة 11 باي باي يا عم باي ، خليك على جنب يا عم ، باي
باي يا عم باي فجأة وقع أمام المرأة والطفلين إثر صدمة سيارة له، التف الجميع حوله، وسمع صوتا من داخل السيارة يقول له: إنت تاني مش.... نظر إلى المرأة والطفلين قائلا : باي باي ...يا عم باي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق